الثلاثاء، 3 فبراير 2009

الحب في الإقامة الجبرية



-1-
أستأذنك بالانصراف ..
فالدم الذي كنت أحسب أنه لا يصبح ماء ..
أصبح ماء ..
والسماء التي كنت أعتقد أن زجاجها الأزرق
غير قابل للكسر .. انكسرت ..
والشمس ..
التي كنت أعلقها كالحلق الإسباني
في أذنيك ..
وقعت مني على الأرض .. وتهشمت ..
والكلمات ..
التي كنت أغطيك بها عندما تنامين ..
هربت كالعصافير الخائفة ..
وتركتك عارية ..
-2-
أستأذنك بالخروج .. من هذا المطلب الهوائي
بين نهديك ..
فلم تعد عندي شهوة لمناقشتك ..
أو لمضاجعتك ..
لم أعد متحمساً للهجوم على أي شيء ..
أو الدفاع عن أي شيء ..
فقد سقطنا في الزمن الدائري ..
حيث المسافة بين يدي وخاصرتك ..
لا تتغير ..
وبين أنفي ومسامات جلدك ..
لا تتغير ..
وبين زنزانة فخذيك ..
وساحة إعدامي ..
لا تتغير ..
-3-
أستأذنك ..
بأخذ إجازة طويلة .. طويلة ..
فلقد تعبت ..
من حالة اللاشوق .. واللاحب .. التي أنا فيها ..
وتعبت من هذه الشقة المفروشة ..
التي صارت عواطفي مربعة كجدرانها ..
وشهوتي مستطيلة كدهاليزها ..
وطموحي واطئاً كسقفها ..
-5-
أريد أن أتظاهر ضد حبك الفاشيستيّ
وأطلق الرصاص ..
على قصرك ..
وحرسك ..
وعربتك البرجوازية الخيول ..
أريد .. أن أحتج على سلطتك السرمدية ..
وعلى الدستور
الذي سميت به نفسك ..
مليكةً .. طول الحياة ..
أريد أن أطلق الرصاص ..
على صورتك الزيتيه ..
المعلقة في صالة العرش ..
وعلى كل الشعراء ,
والنبلاء ,
والسفراء ..
الذين يدفعون لعينيك الجزيه ..
ويسقون نهديك ..
حليب العصافير ..
-6-
أريد أن أطلق الرصاص ..
على ملابسك المسرحية ..
وعلى عدة الشغل التي تستعمليها في التشخيص ..
على الأخضر .. والليلكي ..
على الأزرق .. والبرتقالي ..
على عشرات القوارير التي جمعت فيها فصائل دمي ..
على غابة الخواتم والأساور ..
التي استعملتها لابتزازي ..
على الأحزمة الجلدية العريضة ..
المصنوعة من جلد التمساح ..
والتي استعملها في جلدي ..
على دبابيس الشعر ..
ومبارد الأظافر ..
والسلاسل المعدنية ..
التي لجأت إليها ..
لأخذ اعترافاتي ..
-7-
أريد أن أطلق الرصاص ..
على صوتك المتسلل عبر أسلاك الهاتف
فلم أعد مهتماً بهواية جمع العصافير ..
أريد أ، أطلق الرصاص ..
على حروف اسمك ..
فلم أعد مهتماً ..
بهواية جمع الأحجار النادره ..
أريد أن أطلق الرصاص ..
على كل قصائدي .. التي كتبتها لك ..
وعلى كل الإهداءات الهيستيرية ..
التي صدرت عني ..
في ساعات الحب الشديد ..
أو ...
في ساعات الغباء الشديد ..
-8-
أريد أن أذهب إلى البحر ..
حيث الشواطئ مفتوحة ككتاب أزرق
ففمي .. أصبح كغابة الفطر ..
من قلة الشمس ..
وعواطفي أصبحت كالمخطوطات القديمة ..
من قلة الزائرين ..
وقلة القراءة ..
-9-
أريد ..
أن أكسر دائرة الطباشير ..
وأنهي هذه الرحلة اليوميه ..
بين شفتك العليا .. وشفتك السفلى
بين نهدل الأيمن . ونهدك الأيسر ..
بين جسدك البارد كمدن النحاس
وبين جنوني ..
-10-
أريد أن أحتج على شيء ما ...
أن أصطدم بشيء ما ..
أن أنتحر من أجل شيء ما ..
فلم يعد عندي ما أفعله ..
سوى أن ألعب الورق مع ضجري
هو يخسر .. وأنا أخسر ..
هو يضجر .. وأنا أضجر
هو يخبرني أنك كنت حبيبته ..
وأنا أخبره أنك كنت حبيبتي
هو يعطيني مسدسه لأنتحر ..

وأنا أطلعه على مكاتيبك القديمه ..
فيقتل نفسه ..
ويقتلني ..
-11-
أستأذن في أن أقتلك ..
إنني أعرف أن كل غمائم السماء ..
ستذرف دموعها عليكِ
وكل الحمائم ستفرش ريشها الأبيض .. تحت رأسك
وكل شقائق النعمان ..
ستطلع من حقول جسدك ..
ولكن برغم هذا ..
سأبقى مصمماً على قتلك ..
لا من أجلي وحدي ..
ولكن من أجل كل الأسرى .. والجرحى .. ومشوهي الحب..
ومن أجل كل الذين حكمتهم بالأشغال الشاقة ..
وفرضت عليهم ..
أن ينقلوا الرمل بملاعق الشاي ..
من نهدك الأيمن .. إلى نهدك الأيسر ..
من نهدك الأيسر .. إلى نهدك الأيمن ..
...............................................
...............................................
ولا يزالون يشتغلون ..
ولا يزالون يشتغلون ..
و ... لا ... ي ... ز ... ا ... ل ... و ... ن
ي ... ش ... ت ...غ ... ل ... و ... ن ...


نزار قبانى

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

قمة في الرومانسية و الاحساس العالي

غير معرف يقول...

اول مره اجى اقرا عندك.

صدقا مدونه رائعه بجد.

يارب اكون فهمتها صح بس.

تحياتى.

محمد

غير معرف يقول...

انت ونزار قباني بتاعك ده ازبل واتفه من بعض
شعر جنسي فظ لا يمت بصلة للأدب وانما لقلة الادب
كلام فاضح خادش مثل صورك الللي حاططها في المدونة
جاتك نيله

غير معرف يقول...

لا اغضب من الانتقادولكن متى كان الجنس قلة اداب هذا هو التخلف بعينه وللاسف طالم سيظل العرب يخافون من التكلم فى الجنس والابتعاد عنه ووضعه فى المنطقة المحرمة والمحظورة سيظل التخلف موجودويا سيدى الفاضل اذا لم تعجبك مدونتى وصورى لا تزوره وخصوصا انها عليها تحذير وجاتك نيلة انته وامثالك

وتحياتى وبرضه فى انتظار زيارتك